تحيّل.. سرقة بتحويل الأموال.. خيانة.. اختراق للبيانات الخاصة بالأشخاص.. الثلب والقذف والتشهير.. كلها جرائم يعاقب عليها القانون لكنها لا تحدث داخل مدينة أو حيّ أو بلد معيّن.. بل هي جرائم الكترونية بعضها افتراضي لكنه يخلّف بصمته على أرض الواقع.
ما هي الجرائم الالكترونية وجرائم الأنترنيت التي مرّت عبر محاكمنا التونسية، ودخلت أروقة البحث والتحرّي؟.. وما هو نوعها وهل من سبيل للتصدّي لها؟
جرائم للأذكياء فقط
جرائم للأذكياء فقط
قراصنة الأنترنيت.. أو جرائم الأذكياء هي جرائم بلا بصمات.. لا يتقنها إلا من برعوا في اختصاص معيّن.. يخطّطون لجرائمهم بامتياز.. فيتحيّلون لكن افتراضيا.. والغنيمة واقعية.. هؤلاء ما يطلق عليهم بالقراصنة يعمدون الى اختراق البيانات الخاصة بالحماية البنكية للبطاقات الدولية لتميّزها بعملية تحويل سهلة للعملة الصعبة أو للقيام بعمليات شراء ومبادلات عبر الأنترنات ومنها يقومون بتحويل الأموال الى حسابات أخرى..
هذه الجرائم العابرة للقارات حدثت في أكثر من مرة من خلف شاشة حاسوب.. ومن بين هذه القضايا قضية عاشتها تونس في أوائل سنة 2010، تضمّنت عنوان سرقات الكترونية..
سرقات الكترونية
هذه القضية هي من احدى القضايا التي بوشرت بالبحث ووصلت ملفاتها أروقة المحاكم، فقد بدا عنوانها غريبا نوعا ما.
انطلاقا من شاب مراهق ذكي تمكن من صنع بطاقة مغناطيسية بنكية وجهاز تشفير.
باعتباره متضلّعا في تكنولوجيات الاتصال والمعلوماتية رغم أن عمره 22 عاما، وعمد هذا الأخير رفقة صديق له متضلّع في تكنولوجيات الاتصال والمعلوماتية من قرصنة حسابات مالية وسحب أموال وتنزيلها، ببطاقات بنكية «عذراء» ومن ثم صرفها على شراء الملابس وتقاسم غنائمها.
لكن كشف ملابسات القضية عبر الأنتربول الدولي أدى الى إيقاف أكثر من 15 شخصا على ذمّة القضية.
وكانت هذه القضية احدى سلسلة قضايا مماثلة أبطالها شبان سلاحهم الذكاء يرون في جريمتهم أنها بيضاء ونظيفة.. ولم يعرف إن كان هؤلاء الأذكياء قد تمّ إدماجهم في عمل يخصّ الحماية الالكترونية مثلا أم لا؟ لتأطير ذكائهم في الأعمال الجيدة.
مكالمات مجانية
من بين الجرائم المالية الالكترونية أيضا.. هو تحويل الأموال من حساب الى حساب ولا يكون هذا الا عن طريق الأذكياء جدا من القراصنة وعبر العملة الصعبة.. ومن أشهر العمليات التي حدثت بتونس هي تحويل الأموال الى رصيد افتراضي وإجراء مكالمات دولية دون الحاجة الى دفع مليم واحد. كما يمكنهم من اجراء اتصالات دولية دون الحاجة للمرور عبر الموزعات الرسمية.. وصل الأمر حتى اختيار الرقم المتصل منه وبعنوان أي بلد كان.
البعض يرى أنها جرائم في حين يرى آخرون انها اشبه باللعبة يقوم بها صاحبها فقط للتسلية ولإجراء الاتصالات دون دفع مبلغ مالي.
تحيل لكنه الكتروني
التحيل الالكتروني شهد بدوره تطوّرا في السنوات الأخيرة فإلى جانب تحويل الأموال وسحبها من الحسابات البنكية والتسوّق عبر العالم واقتناء البضائع وحتى تذاكر الطائرات وحجز غرف النزل والدفع مسبقا.
هناك تحيل المراسلات الاكترونية الذي بدأ برسائل موجهة من شخصية عامة للعديدين على أسس تحويل الترقيم البريدي الكامل للحساب البنكي بغية تهريب أموال والحال أنها للاستيلاء على الرصيد مهما كانت قيمته المادية.
تحول الامر الى تخيلات شخصية وهو ما تعرض له قبل عامين أحد الأطباء المعروفين ببلادنا حين عمد أحدهم الى قرصنة حساب بريده الالكتروني وارسل رسائل الى أصدقائه في البلدان المجاورة والتي يتعامل معها بخصوص مهمته صلب احدى مؤسسات المجتمع المدني.. مدعيا (القرضان) أنه صاحب هوية الطبيب وأنه متواجد في أحد البلدان لحضور مؤتمر عالمي لكنه فقد ماله. وطالب القرصان اصدقاء المتضرر بمبلغ مالي يحوّل له مباشرة عبر الخدمات البنكية السريعة.. وانطلت الحيلة على أحد رفاق المتضرر الذي ارسل ما لا لهفه القرصان.
قضية طلاق والجريمة خيانة افتراضية
من بين أغرب القضايا التي سجلت باحدى المدن خلال السنة المنقضية هي تقدم زوج بقضية طلاق للضرر بتهمة الخيانة للزوجة.. لكن الخيانة افتراضية.. فقد أكد الزوج في شكواه ان زوجته نسيت حسابها مفتوحا والخاص بموقعها على الشبكة الاجتماعية حيث عاين وسجل حوارا يضمّ خيانة لزوجته مع غريب من مكان بعيد.. واعتبرت هذه القضية اول جريمة خيانة افتراضية تدخل أروقة المحاكم التونسية.
اشاعات لكنها افتراضية
جريمة الاشاعات او ما أطلق عليها قانونا توزيع وعرض نشرات أجنبية المصدر على العموم من شأنها تعكير صفو الأمن العام في البلاد.
وكانت أول جريمة لقيت صدى في تونس قبل ثورة 14 جانفي هي قضية الاستاذة الجامعية التي قاضتها محكمة تونس بالسجن ثمانية أشهر لأنها نشرت اشاعة نقلتها عن شخص آخر تخص خبر خطف أطفال من احدى رياض الأطفال.. وتأكد خلوّ الخبر من الصحة فتم إيقاف الأستاذة المتقاعدة التي صرّحت أنها لم تكن لديها اي نية اجرامية او قصد للترويج للجريمة وأن الخبر تلقته من امرأة تقيم بفرنسا فأرسلته بدورها للمحيطين بها مثلما هو الشأن في النشاط على موقع الفايس بوك والذي فيه نشر الأغاني ونشرات الفيديو القصيرة.
هذه الجريمة اعتبرت الاولى من نوعها في تونس كجريمة فايس بوك.. الا انه وبعد أحداث 14 جانفي أضحت الجرائم المماثلة تعد بالآلاف لدرجة أضحى يصعب معها تحديد باث الاشاعة او ايقافها أو حتى التصدي لها.
التشهير والقذف
بعد أحداث 14 جانفي شهد العالم الالكتروني الفوضى الخلاقة في بث الاخبار ونقل الإشاعات.. وتتالت الشكاوى على وكالات الجمهورية بمختلف المحاكم بالجمهورية التونسية.. آخرها قضية المحامي الذي رفع دعوى ضد 7 مدونين اتهمهم بالتشهير والشتم.. وكانت النيابة العمومية أذنت بإيقافهم.
وتشهد الفرق المختصة في مكافحة الجريمة سيلا من القضايا تحقق فيها رفعها أشخاص عاديون أو شخصيات وطنية ضد مجهولين او ضد أشخاص تم كشفهم من خلال الأبحاث والتحريات.. عمدوا الى نشر صور ونصوص للتشهير وللهتك بالأعراض.
وتشهد المواقع الاجتماعية موجة من الانفلات بعد 14 جانفي انعكست على جملة القضايا المرفوعة لدى المحاكم.
7 سنوات سجنا للمس من المقدسات
.. آخر المحاكمات للجرائم الالكترونية ما شهدته احدى محاكم الجنوب التونسي حيث قضت احدى الدوائر الابتدائية بسجن 3 شبان مدة 7 أعوام لنشرهم صورا وتعاليق تمس من الرسول ے واعتبرت القضية من بين أولى القضايا التي تم الحكم فيها بمثل هذه العقوبة في جريمة ارتكبت على الفضاء الافتراضي.
مصدر مجهول
في جرائم الثلب والتشهير كثيرا ما تبقى القضايا التي هي بصدد البحث ضد مجهول لتعمّد المظنون فيهم التخفي وراء أسماء مستعارة لم يقع كشف بعضهم الا من خلال أذون من وكالة الجمهورية لتقصّي مصدر خدمات الانترنات، وبالتالي تحديد اسم صاحب الشبكة العنكبوتية وهو ما حدث في عدد من القضايا التي باشرتها احدى الفرق المختصة بإدارة الشرطة العدلية
0 commentaires:
Enregistrer un commentaire